منبر التوحيد والجهاد
طبع المادة كاملة 1 ...
بين منهجين "41"
   بين منهجين "41"
المؤلف: أبو قتادة الفلسطيني

إنّ شرعيّة جماعات الجهاد في العالم قامت على عمد، كلّ واحدة منها تكفي لوجوب الاجتماع لإحياء الجهاد والعمل به دون تردّد أو مواربة، وتجعل الخارج عن هذه الجماعات المجاهدة واقع لا شكّ في إثم ووِزرٍ لتقصيره في العمل في إدراك هذه العمد، والإعانة على إحيائها وتنميتها.

لماذا جماعات الجهاد المقاتلة؟.

إن كان لا بدّ من تمهيدٍ فإنّنا نقول: إنّ عقيدة الجهاد في دين الله تعالى قد واجهت من قبَل الكفر وأزلامه الهجوم إثر الهجوم، وقد عُلِمَ الكفرُ بكلّ صُوَرِهِ أنّه لا يمكن زلزلة أركانه وإزالته من مكانه إلاّ بالقتال، وأنّه لا يمكن لدولة من الدّول أن ترسّخ أركانها وتثبّت وجودها إلاّ بعد دماء وأشلاء، فلا يوجد دولة على ظهر الأرض الآن وغداً وبالأمس، وكانت هذه الدّولة ذات استقلال ومنعة إلاّ بعد حروب وحروب، وقتال يأخذ من فلذات أكبادها، ودم شبابها ما تشيب له العثانين، وعلى النّاظر أن لا يغترّ بما يسمّى بالدّيمقراطيّة في العالم الغربيّ، إذ حين يرى بعضهم سهولة ويسر تناوب الأحزاب على السّلطة، وتخلّي الحكّام عن كراسيهم يظنّ أنّه بإمكان المسلمين أن يصلوا إلى الحكم عن هذا الطريق، وهذا خطأ جسيم، إذ أنّ هذه الأنظمة لم تستقرّ على هذا الحال إلاّ بعد حروب طاحنة بين حملة هذه الفكرة (الدّيمقراطيّة) وبين خصومهم، وما من دولة تشكّلت (وهي مستقلّة) إلاّ بعد حروب مع خصومها.

فأمريكا زعيمة العالم الدّيمقراطيّ الحرّ، الجامعة تحت رايتها ولايات عدّة، لم توجد على هذا الشّكل من العقيدة السّياسيّة والوجود الجغرافيّ الممتدّ إلاّ بعد حروب أهليّة طاحنة بين الشّمال والجنوب، حروب أكلت الأخضر واليابس، حتّى تمّ غلبة أحد الفريقين على الآخر، فتواضع المنتصرون على هذا الشّكل من النّظام السّياسيّ، وهذه الصّورة من الحياة.

وكذلك أوروبّا وما اشتملت عليه من دول وحكومات، فإنّ هذه الحكومات لم تتشكّل على هذا النّسق إلاّ بعد حروب داخل القارّة وخارجها، قدّم فيها كلّ فريق الغالي والنّفيس، حتّى خلصت إلى أحد الفريقين، فتواضع المنتصرون على هذا الشّكل من الأنظمة وهذه الصّورة من الحياة.

ولو سألنا أنفسنا: لماذا يحقّ للغرب أن ينشر عقيدته عن طريق القوّة والسّلاح كما تصنع أمريكا وأوربا ولا يحقّ لخصومهم ذلك؟.

هؤلاء الذين يريدون نشر الأفكار، ثمّ يريدون لهذه الأفكار أن تكون في سدّة الحكم والسّلطان ثمّ لا يسيرون في ركاب حملة السّلاح والمقاتلين، هؤلاء أشبه بالفلاسفة السفسطائيين حيث تضيع صرخاتهم هباءً.

إذا كان أهل الإسلام قد اتّفقوا على إزالة طاغوت مرتدٍّ مثل معمّر القذّافي عن حكم ليبيا، فما هي الطّريقة التي يمكن لهم فيها أن يزيلوا هذا الرّجل عن كرسيّه؟.

الذين يطرحون منهج تربية النّاس على الإسلام حتّى يكثر عدد الإسلاميين في ليبيا، فيتمّ التّغلغل والسّريان من غير تعليمهم فنّ القتال والحرب، بل جلّ همّهم أن يكونوا حملة أسفار أو أذكياء سياسة، أو صوّام نهار وقوّام ليل، وحفظة قرآن وحديث (وهؤلاء مراتبهم تمتدّ بين طرفيّ النّقيض من صوفيّ إلى سلفيّ وبينهما إخوانيّ)، فهل يعجز معمّر القذّافي أن يوجد في ركابه مائة رجل، بيدهم السّلاح والقوّة، فيميلون على زوامل العلوم فيبقرونها، وعلى أذكياء فنّ الممكن فيفسدون فنونهم، وعلى العبّاد فيقطعون مسابحهم ويبولون على مساجدهم وبعدها فلا حسّ ولا خبر؟.

وقل مثل ذلك عن العائلة السّعوديّة في الجزيرة؟.

إنّ هؤلاء القوم - أي الطّواغيت - مثل بقّ الكلاب القذرة، إذ أنّ هذا النّوع من البقّ الخبيث لا يمكن أن يزول عن مكانه إلاّ بقتله، حيث يتمّ الضّغط عليه بآلة حديديّة تجعله أشلاء ونتفاً (أي الهرس حتّى النّخاع).

العائلة النّصيريّة في سوريّا - حافظ الأسد ومن معه -، هل يتصوّر غبيّ على وجه الأرض أنّ مثل هذا الرّجل يمكن أن يتخلّى عن الملك عن طريق صندوق الاقتراع، أو عن طريق الاعتصامات والمسيرات السّلميّة؟.

صدّام حسين - طاغوت العراق - لو نازعه العالم أجمع على أن يتخلّى عن حكم العراق، فهل يتركه حتّى يُصنع به ما يُصنع ببقّ الكلاب؟.

إنّ هذا الرّجل على أتمّ الاستعداد أن يفني شعب العراق بأكمله ليأكل على جماجمهم أطايب الطّعام ولذيذه.

العائلة الخبيثة في الأردن بقيادة القزم المتسوّل الملك حسين، هذا الرّجل الذي قذف بوالده إلى مستشفيات المجانين ليكون حاكماً على بلد فسيفسائيّ لو عرض على شيخ قبيلة قديم لأنف من حكمها، هل هناك طريقة غير طريقة إزالة بقّ الكلاب ممكن أن تزيله؟.

هؤلاء الحكّام الذين استخدموا أخسّ أنواع الرّذائل من أجل الوصول إلى الحكم، ثمّ استخدموا أقذر أنواع الطّرق لإطالة أمد حكمهم، إذ أنّ أغلبهم لم يتورّع عن قتل والده أو سجنه أو ذبح أخيه للوصول إلى الكرسي:

قابوس بن سعيد خرج على والده.

زايد بن سلطان خرج على شخبوط قريبه.

الملك حسين: بمعونة أمّه الخبيثة أرسل والده إلى مصحّة عقليّة في تركيّا، ومن قبله جدّه عبد الله باع والده "حسين" في سوق النّخاسة الدّوليّة...

والقائمة طويلة....

حكّام مثل هذا الصّنف هل يمكن أن يراوحوا أماكنهم بغير طريقة إزالة بقّ الكلاب (الهرس حتّى النّخاع).

إنّه لا يوجد عاقل على وجه الأرض تحرّر من أوهام، الخرافة وجبريّة المبتدعة، وغنوصيّة الصّوفيّة، يطرح طريقاً لإزالتهم غير طريقة بقّ الكلاب.

لكنّنا نحن المسلمين ما زلنا نشمّ رذائل فكر الانحطاط الذي ولج إلى أمّتنا بعد خير القرون تحت أسماء برّاقة، فإنّ لمشايخنا رأياً آخر في التّغيير نسوق لك بعضه:

أ - الشّيخ السّلفي أبوبكر الجزائريّ وطريقته الجنائزيّة:

للشّيخ طريقة جديدة تستحقّ أن تدخل تحت باب الاكتشافات الحديثة. يقول عن طريقته البديعة: إنّ أفضل طريقة لإصلاح حكّامنا وعلى الخصوص آل سعود، هو أن نجمع أعداداً غفيرة من المطالبين بضرورة الإصلاح، ثمّ نشدّ رحالنا متوجّهين إلى قصر وليّ الأمر. فنحطّ رحالنا وننيخ ركائبنا أمام بيته - عفواً قصره - ثمّ نبدأ بالنّشيج والبكاء، فإذا خرج علينا وليّ الأمر بطلعته البهيّة، ووجهه الوضّاء المشرق، وسألنا عن سبب بكائنا قلنا له: والله لن نبارح عتبة قصرك حتّى تزيل المنكرات وتحكم بشريعة القرآن...، بلا شكّ أنّ وليّ الأمر قلبه رؤوف رحيم، بل هو رجل لا يرضى لشعبه الوفيّ أن يبكي (قال الشّيخ باللّفظ: هوَّ قلب الحاكم حجر؟) النّتيجة أنّ الحاكم العادل سيرضخ لمطالبنا ويستجيب لبكائنا وحينها سيحكم آل سعود بالقرآن. انتهى الحلم المشيخيّ فالرّجاء ترك الشّخير.

ب - أمّا نظريّة البعض الآخر من مشايخنا ومفكّرينا في طريقة توصف باسم "صندوق العجائب" وصندوق العجائب هذا اكتشفه النّاس مؤخّراً، تقول نظريّة الصّندوق:

يحكى أنّ حاكماً كان اسمه حسني مبارك، هذا الحاكم يختلف عن جميع رؤساء عصابات الكوبوي، فهو رجل يحترم نفسه لكنّ العلّة فيمن حوله، فقد زوّرت عليه حاشيته أنّ جميع الشّعب يريده ويحبّه، ولا يرضى بديلاً عنه، ومن دلائل صدق هذا الكوبوي أنّه في كلّ فترة زمنيّة يعلن للنّاس أنّه على استعداد ليتخلّى عن الكرسي إذا أراد شعبه ذلك، وحتى يعرف رأي النّاس صنع صندوقاً ليضع النّاس فيه آراءهم.

تقول الحكاية إنّ الرّواة اختلفوا في النّتيجة، فبعضهم يجزم أنّ الصّندوق كان عجيباً، إذ أنّه يستطيع أن يقلب جميع الحروف على الورق إلى كلمة واحدة فقط "نعم للرّئيس".

وبعض الرّواة لم نستطع سماع روايته لأنّه كان في السّجن (أفيقوا رحمكم الله).

ج‍ - أمّا النظريّة الثّالثة فتقول أنّ واقعنا هو خير واقع فليس في الإمكان أبدع ممّا كان أي (بَلا تغيير، بَلا همّ، أو ارضى بمتعوسك أحسن ما يجيك أتعس منّه) وهذه النّظريّة الثّالثة عندما حلّلها البعض وجد لها دليلاً في الكتاب الأخضر للقذّافي، لكنّنا عجبنا كيف تمّ تهريبها إلى المشايخ السّعوديين، فمازال الأمر سرّاً لا نعرف كنهه.

منبر التوحيد والجهاد
www.tawhed.com