بين منهجين "68"
المؤلف: أبو قتادة الفلسطيني
حركة التجديد المجاهدة السلفيّة لا تتعامل مع النّاس إلاّ من خلال أصولهم
وقواعدهم، وعلى ضوء هذه القواعد والأصول تحكم على المجتمعات، والتّنظيمات،
وبالتالي على الأشخاص. والمنهج هو السّائق للإنسان في سلوكه وحركته، وهو الذي
يحدد أحكامه وعقليّته، ومعرفة القواعد والأصول للموضوع - شخصاً أو فكراً -
لاتعرف من خلال فكرة أو خاطرة، بل لا بدّ من الإستقراء، وهو يقع من الخاصّ
إلى العام، فيبدأ الإنسان الباحث في مراقبة المفردات ثمّ الارتفاع بها حتى
تشكّل قاعدة كليّة تخضع لها مفردات المقدّمة وهي حركة الإنسان وأحكامه.
فيتشكّل الحكم العام من خلال أفراد أحاديّة في الحكم والسّلوك، وبعد ثبوت
القاعدة، وهو وصف الفكرة والشّخص، ثم لو طلب من الحاكم الدّليل فإنّه يسارع
إلى إيجاد هذه القاعدة ليبسطها أمام السّائل بثقة ويقين.
وعلى ضوء هذه
المقدّمة الموضوعيّة فإن الشّعارات الكاذبة، والألقاب النّابتة، تفقد قيمتها
عند أهل الوعي والإدراك، وأصحاب العلم والبصيرة، لكن تأثيرها يبقى على العوام
والسوقة، وغمار البشر من أهل التقليد والبلاهة، فهؤلاء القوم يستطيع الخبثاء
أن يسوقوهم إلى ما يريدون من خلال الشّعارات الجميلة المرضية، ويصدّوهم عما
يريدون من خلال الألقاب النابتة القبيحة.
وحين يقبل المرء أن يكون
أتباعه من هذا الصنف من البشر - أهل التّقليد والبلاهة - فهو رجل نخاسة
تهمُّه الأرقام والجسوم، لا المبادئ والعقائد والأفكار، وهو رجل في ميزان
الفكر والعقل والدّين لا يسوى ذرّة أو نقير.
وقد كنت كتبت فيما سبق
كلمات يسيرة، جمعت فيها المتفرّق، ووضعتها بين يدي المسلمين ليعرفوا مقدار
علم قائلها، ولم أمر في استنتاج المحصّلات إلاّ مروراً رفيقاً على صاحبها،
طمعاً في هدايته، ورجاء صدق في حصول الخير له، ولكنّي بثثت بعض الكلمات التي
تصلح منطلقات في فهمي لهذا الرجل، وقد ظننت حينها أن الرجل صاحب عقل، فلعلّ
عقله يهديه، وصاحب قلبٍ لعلّه يخشى - لعلّه يتذكّر أو يخشى - ولكن طاش سهمي
وخاب ظنّي.
هذا الرجل هو محمّد بن سرور زين العابدين، فقد طلع على
النّاس مؤخّراً بكلمات في مجلّة «السنّة» كانت تحمل في طيّاتها الحقد والحسد،
تكاد تنفجر من شدّة الجهل المحشوِّ فيها، ملأها الكذب والبهتان، وكانت دليلاً
قويّاً على ما قلناه عنه سابقاً في «الجرح والتّعديل» أنّ عقله مازال يعمل
خارج دائرة الفهم السّلفي.
محمد بن سرور ظاهرة تؤلمك، تؤلمك لأنّها
تكشف لك مقدار غثائيّة الكثير من شباب أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم، وكلّما
ازددتَ قراءة له، وكلّما ازددتَ سماعاً له تنزِل قيمته من عينيك، وتصاب
بالصّدمة حين ترى هذا الغثاء الذي يقوله، أو الجهل الذي يفيض منه، يجدُ
قبولاً عند مجموعة من الشّباب المسلم، فوالله إني أقرأ له كلّ ما ينشره
للنّاس طمعاً في رؤية شيءٍ ذي بال، أو فكر يستحقّ أن يدخل في مسمّاه، فيخيب
سعيي، فلا أدري ما الشيء الذي أدخله في زمرة القادة في العالم الإسلاميّ، أهي
ظاهرة الكهانة المستوردة بتعظيم الإمام الغائب ألقت على محمّد سرور غلالة
التّعظيم، أم أنّها صناعة الإعلام الكاذب، أو التّابع الجاهل، أم شيءٌ.. شيء
لا أحب أن أفكّر فيه، كلّ هذا محتمل، لكن هذا لا يعفيك أن تحزن لأنَّ الأمر
قد وُسِّد إلى غير أهله.
ومع أنّ موقف محمّد سرور من الجهاد المبارك
بقيادة الجماعة الإسلاميّة المسلّحة في الجزائر يحتاج إلى وقفاتٍ كثيرةٍ،
لأنّه أكثرَ القول فأكثرَ السقوط، وسيفرغ لها، بل قد فرغ لها أحد الأحبّة،
ومواقفه من هذا الجهاد غابت عنها العلميّة والموضوعيّة، وافتقرت إلى أدنى
درجات الإنصاف والعدل، ولعلّ أكبر دليل على هوى الرّجل المائل به عن الصّواب
هو جوابه المتتعتع على سؤالٍ وُجِّه إليه عن حكم ندوة روما وما أسفرت عنها
النّدوة من نتائج، فلفّ الرّجل ودار، وهو بحاجة - أصلحه الله - إلى سماع
الشّريط ليعرف نفسه على حقيقتها، ولقد سبق له أن قال (ظالماً): أن جماعات
الجهاد لا أهميّة لها، وقرنها بجماعات الغنوص الصّوفيّة، ولست أدري - فيما
أعلم - تحليلاً لما يقوم به من هذا التجنّي السّافر إلاّ الحسد، وأنّ الحقد
أكل قلبه من سقوط مشيخته، وانهيار رجليه الخشبيّتين.
محمّد سرور مازال
يفكّر ضمن طريقة الإخوان المسلمين، ويحلل الأمور من خلال منهجهم ورؤاهم، بل
إنّ طريقته في معالجة خصومه أو النّافرين عنه، هي عين طريقة الإخوان
المسلمين، فحيث لا يُعجبهم شخص أو طريقته يسارع باتّهامه بالعمالة و
الجاسوسيّة وبقي اتّهام آخر: (...) لتكتمل الحلقة السّوداويّة الخبيثة، وهذا
كلّه يدلّ على رقّة دينٍ وخلقٍ، اللهمّ نسألك العفو والعافية.
لم
نحاول سابقاً أن نشير إلى سلوكه - وإن كان السلوك مرآة الفكر والمنهج -
لأنّنا نترفّع في نقاش المناهج أن ننزل إلى درجة السمّاعين، وقد أنكر بعض
الأخوة على كاتب هذه الورقات حين كتبت عن سرور ما كتبت في «الجرح والتّعديل»،
حيث قالوا: إنني لم أكشف الحقيقة الكاملة، ولم أحاول أن أقترب من تفسير بعض
الظّواهر العمليّة وكذا الفكريّة عند سرور، فكان جوابي: إنّ مهمّتي كانت هناك
أن لا أسقط سرور، ولكن كانت همّتي ومهمّتي أن أدفع سرور إلى الخير، وأن أكشف
له بعض ما عنده ليصلحه، فلأن يأخذ كلامي فيعرف مقدار اضطرابه وعدم منهجيّته
أحبّ إليّ من أن يكشف سرور عن صورة مشوّهة في الفكر والسّلوك، ولكن ليس كلّ
الأماني لها حظّ في قدر الله تعالى بالوقوع، وكيف تقع هذه الأماني، وقد شاخ
رأس سرور على أمر، واستقرّ زماناً على زمن، فكيف يرعوي الشّيخ، ونقْلُ الجبال
أهون من إصلاح الهوى حين يكون في قلب شيخ زمن.
أيُّ منهجيّة علميّة
عند رجل يعتبر أنّ الشّباب جهل والشّيخوخة علم؟!!.
أيّ منهجيّة علميّة
موضوعيّة عند رجل يعالج الحقّ ليزيله لمجرّد أنّه لا يعرف أصحابه؟!! أبوات،
نكرات!!!.
تعالوا لنجمع كلّ ما قاله في نقاشه لجماعات التّوحيد
والجهاد والسّلفيّة، ثمّ نضعه في بحث علميّ رصين لنرى ما نوع الزّبد الذي
سيخرج منه؟!!!.
لنقرأ علله العجيبة الغريبة في التّفريق بين واقع ابن
تيميّة مع التتار، وواقع جماعات الجهاد والسّلفيّة مع واقعها في هذا العصر،
لنرى هذا الشّيخ كيف أنه لا يصلح إلاّ لدكة شيخ صبيان مع عصا
طويلة.
لقد جاءت في نفسه كلمات ولعلّها أتعبته فخرجت كأنّها نفثة
مصدور - مريضٍ بداء الصّدر - يشتم بها الجماعة الإسلاميّة المسلّحة في
الجزائر، وينبزها بفكر الخوارج، وأنّها من أذناب الخوارج وأدلته على ذلك هي
العجب العجاب.
قال الشيخ المصدور في نفثاته على الوضع في الجزائر:
وبعضهم انضمّ إلى ما يسمّى بالأفغان الجزائريين، لقد هيّأ الانقلاب بحق أجواء
مناسبة للمجموعة الأخيرة لنشر غلوِّها وشذوذاتها، ومن ذلك أنّهم - وهذه هي
طريقة الخوارج - يرون رأياً لا دليل عليه من الكتاب والسنّة، ثمّ يُفتون
بردَّة من يخالفهم فيما ذهبوا إليه وينفّذون فيه حكم الردّة إن استطاعوا.
(انتهت النفثة).
قلت: لا أدري بأيّهما أعجب من هذا الحاقد، بكذبه أم
بطريقة عرضه؟.
أمّا كذبه فهو قوله: ثمّ يفتون بردّة من يخالفهم فيما
ذهبوا إليه، وينفّذون فيه حكم الردّة إن استطاعوا.
وقوله هذا كذب محض،
والشيخ المصدور يكذب، وأكبر دليل على هذا: أنّ محمّد سرور يخالف الجماعة فيما
ذهبت إليه، ومع ذلك لا يكفّرونه، وإن قبضوا عليه فلن ينفّذوا فيه حكم الردّة
لأنّه لم يرتد، نعم الشّيخ المصدور يستحقّ صفعة على القفا، جزاء كذبه، وجزاء
ظلمه للآخرين، وحين يحكمون على رجل بالردّة ليس لمخالفتهم بل لمخالفته
النّصوص القطعيّة الصّحيحة، فمن زعم أنّ المسلم مخيّر بين أن يحكم بالإسلام
أو يحكم بغيره فهو كافر مرتد، ومن أجاز للمسلمين أن يحكموا بالكفر فهو كافر،
ومن وقف مع صفّ المرتدّين يقاتل تحت رايتهم ضدّ المسلمين فهو مرتدّ،
وللتّذكير فإنّنا نبشّركم أنّ الشّيخ المصدور بدأ يستخدم لفظ الردّة، لكن لا
ندري كلفظ شرعيّ أم سياسي، حيث قال في مقاله عن الإنقلاب "نفّذته طغمة دمويّة
مرتدّة من الجنرالات الذين ربّاهم الفرنسيون خلال عهدهم الاستعماريّ"، وإذا
كان الشّيخ المصدور يستنكر حكم الردّة على أمثال محفوظ نحناح فهذا شيء خاصٌّ
به، لأنه الرجل الذي يقول: "دكتاتوريّة الجيش خير من ديمقراطيّة الإنقاذ"،
ومثل هذا القول قاله محمد بوسليماني بل قال: "الحمد لله الذي وفّق الجيش
للنزول إلى الشّارع لحماية الدّيمقراطيّة من جبهة الإنقاذ"، فإن كان هذا
الكاذب المصدور يدافع عن هؤلاء فهو ودينه، وإن كان يعتبر أنّ هذه الأقوال
تجعل الرجل كما قال: "والقتيل رحمه الله من الذين يشهد النّاس لهم بالخير
والاستقامة" فمن هؤلاء القوم يا مصدور الذين يشهدون لهذا التّنظيم بالخير
والاستقامة؟ ولرجاله بالخير والاستقامة؟.
فرَمان المصدور يذكّرنا
بفرمان حسن البنّا في استنكاره بقتل الخازندار، حين وصم قاتليه بالإثم لأنهم
قتلوا رجلاً لا يستحقّ القتل، ولم يكن دور الخازندار إلاّ أن حكم على قوم
بحكم التزمت به الدّولة المصريّة مع الدّولة البريطانيّة.
أمّا طريقة
عرضه فهي طريقة المبتدعة في التّنفير من الموحّدين، وتذكّرك بطريقة أحمد زيني
دحلان مفتي مكّة عندما كان يشتم ويسبّ الموحّدين في نجد، انظروا إلى
قوله:
أولاً: من ذلك أنّهم (وهذه طريقة الخوارج) يرون رأياً لا دليل
عليه من الكتاب والسنّة.
قلت: هل كلّ من يقول قولاً لا دليل عليه من
الكتاب والسنّة فهو على طريقة الخوارج؟ فعلى قوله هذا جميع أمّة محمّد صلى
الله عليه وسلم من الخوارج، لأنّه ما من عالم إلاّ وأخذ عليه قولاً يخالف
دليلاً لم يقصده ولكن تأوّله، ثمّ لماذا لم يذكر لنا المصدور ما هو هذا الرأي
الذي يقولونه ويكفّرون مخالفه؟.
أهذه هي العلميّة والموضوعيّة في
البحث وعرض أقوال المخالفين لنقدها؟ أم هي طريقة خطباء مساجد القرى الزمنى
الذين يحرّمون الزناطم والرباعم؟.
يقولون قولاً لا دليل عليه: أمّا
عمد أقوال جماعات الجهاد في العالم ومنهم الجماعة الإسلاميّة المسلّحة في
الجزائر فهي:
1 _ تكفير الحاكمين بغير شريعة الرحمن، المستبدلين بها
شريعة كفريّة بإجماع أهل الملّة.
2 _ وجوب الخروج عليهم جهاداً في
سبيل الله تعالى، وهذا إجماع.
3 _ نوع قتال هؤلاء هو من جنس قتال
المرتدّين الذين قاتلهم الصّحابة، وهذا إجماع.
هذه هي أركان جماعات
الجهاد والتّوحيد، فما هو القول الذي لا دليل عليه أيها
المصدور؟.
والشّيخ المصدور هذه هي طريقته، وهي قذف الأمور من غير
تبصّر ودراسة، ليصنع منها غباراً ليكوّن شعاراً فارغاً ينبز به خصومه، إنّها
عقليّة المذهبيين، وانظر قوله:
ثانياً: "فليتدبّر الشباب وجميع الذين
وقعوا في شباك هؤلاء الغلاة من الشّباب، هذه النّصوص المحكمة القطعيّة
وليحذروا من زخرف القول ومن أباطيل الخوارج الجدد التي يسمّونها فتاوى، وليست
من الفتاوى في شيء، فللفتاوى رجالها المعروفون بأسمائهم الصّحيحة، وبتاريخهم
العلميّ النّاصع، وشهادة الأمّة لهم".
بالله عليك أخي المسلم هذه
عبارات من؟ وفي أيّ كتب ومقالات تقرأها؟: للفتاوى رجالها المعروفون.. أيّ صنف
من النّاس يُطلق هذه العبارات: هل تقرأها في كتب السّلف؟ أم تقرأها في كتب
المذهبيين؟ كان على الشّيخ المصدور أن يشرع قلمه الزمن في المناقشة العلميّة
ليثبت جهل المخالف، عن طريق عرض القول وجهة مخالفته للشريعة، لا أن يطلق
الكلام على عواهنه، فإن هذا الكلام لن يقبله، ولن يرضاه إلاّ أهل الجهل
والبلاهة، ولن يستقرّ إلاّ في عقل مقلّد، فبدل أن يطيل النّفس في أمر معلوم
من الدّين بالضّرورة وهو قتل النّفس التي حرّم الله إلاّ بالحقّ، ليستخدمها
في غير محلّها، ويبرزها على صورة سيف إرهابيٍّ ضدّ الخصوم، كان عليه أن يناقش
في هذه المساحة المسألة التي زعم أنّ الجماعة الإسلاميّة المسلّحة قد التقت
فيها مع فكر الخوارج، لكنّها طريقة يعرفها كلّ من مارس الكتابة، وأنّها طريقة
الحيدة والهروب إلى غير ستر.
قال المصدور في نفثاته: وقتلوا نفراً من
أعضاء الجبهة الإسلاميّة للإنقاذ، وأصدروا فرمانات متعدّدة يهدّدون فيها كلّ
من يتحدّث باسم الجهاد والمجاهدين، مع أنّ هذا المتحدّث الذي يقتلونه يعني
جهة معروفة غير جهتهم، لكنّهم يرون أنّ الجهاد وقف عليهم، والنّاس (هكذا
يعتقدون) توحّدوا تحت رايتهم. انتهت النّفثة.
قلت: الشّيخ المصدور هنا
يدافع عن رابح كبير وأمثاله ممن يتاجرون باسم الجهاد والمجاهدين في الخارج،
حيث وقفوا أنفسهم في صفّ الخيارات الدّوليّة، وما الجهاد عندهم إلاّ وسيلة
ضغط من أجل العودة إلى المسار الانتخابيّ، وهم في الخارج يوهمون النّاس أنّهم
يمثّلون المجاهدين في الدّاخل، ويجمعون الأموال باسم الجهاد، ويستنكرون بل
يعادون مسيرة الجماعة الإسلاميّة المسلّحة، ويعلنون (إرضاءً للدول الغربيّة)
أنّهم على غير طريقها، وأنّ أعمالها ليست من الإسلام في شيء.
ثمّ تعال
أيّها الشيخ المصدور وأخبرنا عن هذا الشيء الذي أتعب صدرك حين توحّد النّاس
تحت راية الجماعة الإسلاميّة المسلّحة؟ وهل مازلت تريد أن تقنع نفسك أنّ
النّاس لم يتوحّدوا تحت راية الجماعة الإسلاميّة المسلّحة؟.
لكن الشيخ
المصدور كان يطمع أن يكون له موطئ قدم هناك من خلال بعض الأتباع، وقد أوجد
هذا الموطئ، لكن تبخّر هذا الموطئ بعد ذلك بسبب الوحدة الجامعة، فضاق صدر
الشيخ فخرجت نفثاته المتحشرجة.
الشيخ سرور المصدور يدعو إلى كيان
إسلاميّ موحّد، فإن صار هذا الكيان بعيداً عن زعامته قذفه بأشدّ
التّهم.
الشيخ سرور المصدور يشرح في شريطه وسنّته عقبات طريق الحوار،
ولم يدر أنّ وجوده عقبة من عقبات طريق الحوار.
لقد ضاق صدر سرور حتّى
ذهب يتّهم من قام بالوحدة من الشّيوخ أشدّ التهم، ويقذفهم بأشدّ النّعوت،
فهذا محمّد السّعيد الذي وقف موقف الصّلاح والشّهادة حين قبل أن يدخل في إطار
الوحدة، فبدل أن يذكره سرور بخير على هذا الصنيع راح يقول أنّ الشّيخ محمّد
سعيد رجل متقلّب ولا موقف له، ثمّ ذهب يعدد حركات محمّد سعيد، وكيف كان في
تنظيم ثمّ إلى آخر ثمّ إلى آخر، ولم يدر هذا المصدور سرور أنّ انتقال الرجل
من موقف إلى موقف ليس عيباً في حدّ ذاته، بل إذا كان هذا الانتقال من الشرّ
إلى الخير، أو من المفضول إلى الأفضل فإنّ هذا الانتقال فضيلة في دين الله
تعالى، ولكن الشرّ والسّوء هو موقف سرور الذي أبى إلاّ أن يبقى وفيّاً لجبهة
الإنقاذ، وبعد أن تبيّن لكلّ ذي بصيرة أنّها عارضت الشّرع، فوقعت في العقاب
القدريّ اللازم لهذه المخالفة.
ألا ما أقبح الشيوخ حين يكون هواهم
مكشوفاً غير مستور.
أمّا قوله: "لكنّهم يرون الجهاد وقفاً عليهم"
فيكفي لبيان كذبه وجهله أن نذكره كما هو، لكن عليه أن يرتقب كتاب «ندوة روما»
ليرى أنّ الآخر الذي يمدحه هو الجيش الإسلاميّ للإنقاذ (هذا إن كان له وجود)
فإنّه ما قام إلاّ لتفريق الكلمة، وإذهاب وحدة الصّف، وإن كان في الشّيخ
المصدور بقيّة حياء فليعلن للنّاس الموقف الشّرعيّ من رسالة المدعو مدني
مرزاق إلى رئيس الدّولة الجزائريّة ليرى مقدار فهم هؤلاء القوم لدين الله
تعالى، ولحقيقة الواقع، ولطبيعة الجهاد الذي زعموا القيام به.
يا سرور
اتّق الله تعالى واكشف للنّاس هذا الآخر، ولا تزاود بقذف العبارات التي
يتقنها كلّ موتور.
أمّا قول المصدور «الأفغان الجزائريين» فهي عبارة
أستاذه فيها مراكز البحث الخبيثة فهنيئاً لسرور هذه الدّراسة الجديدة وهذه
القراءات المؤثرة.
الشيخ المصدور كثير الخطأ ولم نرد في هذه العجالة
أن نستقصي هذه الأخطاء، ولا أن نردّ على كلِّ افتراءاته ولكن هي كلمات لعلَّ
صاحب الوعي يفهم منها حقيقة هذا المصدور، ولعلّ الشّباب الذين حوله يعرفون
مقدار علم شيخهم، فيُعرضون عنه، انظر إلى محاولات الشّيخ المصدور تقييد القتل
بحدّ الردّة، وأنّ الجماعة لا تقتل النّاس إلاّ بحكم ردّتهم، فهل كلامه هذا
فيه ذرّة معرفة للواقع.
لقد قبل الشّيخ المصدور أن يكون سمّاعاً، لا
محقّقاً، وذهبت كلُّ دروس التّحقيق هباءً منه، وما من سببٍ لذلك إلاّ الحقد
والهوى.
قال الشّيخ المصدور في نفثاته: إنّ أنصار الجماعة يكفّرون
قادة الجبهة الإسلاميّة للإنقاذ.
قلت: هذه ورقات الأنصار بين يديّ
النّاس فليُخرجوا منها بلفظٍ واحدٍ يشير إلى تكفير قادة الجبهة الإسلاميّة
للإنقاذ، وها هي دراسة الأخ عمر عبد الحكيم التي نشرت في الأنصار عن مواقف
الجبهة، فليقرأها كلّ واحدٍ ليعلم أنّ الشّيخ المصدور كذّاب، كذّاب،
كذّاب.
أليس نحن الذين يحقّ لهم أن يقولوا عن سرور أنّه هو الخادم
لأعداء الإسلام حين راح يسبّ ويخذِّل ويتّهم ويكذب على أقوام وقفوا في خندق
القتال ضدّ أعداء الإسلام من أجل إقامة دولة الخلافة.
يا سرور: ماذا
يريد أعداء الإسلام أكثر ممّا تفعل؟
والله الموفّق
|